نبذة مختصرة من مقدمة المؤلف:
"... تتناول هذه الدراسة تاريخ الجزائر المعاصر (1830 – 1989)، وكنت أنوي "يقول المؤلف"
تسميتها مختصر تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، رغم أن المتعارف عليه هو أن
تاريخ الجزائر الحديث يبدأ من القرن السادس عشر، أي من تاريخ دخول الجزائر
تحت الحكم العثماني، وذلك لأسباب أربعة هي:
1. لأن الفترة المتأخّرة من العهد
العثماني على وجه الخصوص، لم تكن من أكثر النواحي الثقافية والاجتماعية
والاقتصادية والسياسية سوى امتداد لعصر الضعف والوهن الذي تردّت فيه الأمة
في القرون الأخيرة..."
2. لأن الدولة التي أقامها الأتراك
بالجزائر، وإن كانت تستند إلى قاعدة جغرافية ثابتة، غلا أن سكانها عاشوا
مشتتين اجتماعيا واقتصاديا، ومحرومين من كل مساهمة أو مراقبة للدولة..
بخلاف دولة الأمير عبد القادر التي وإن لم تتمتع بحدود ثابتة بسبب الحرب
الاستعمارية الفرنسية إلا أنها ضمنت وحدة إدارية وقضائية وعسكرية واقتصادية
لقسم هام من الجزائر..
3. لأن من المعلوم أن بدايات التاريخ
الحديث تقترن عند كل الأمم بانطلاق نهضتها الحديثة، أو كما قال أحد
المؤرخين الإنكليز: "إن التاريخ الحديث يبدأ حينما يدخل مزيد من الشعوب
حيّز الوعي الاجتماعي والسياسي، وتمتلك الوعي لجماعتها بوصفها كيانات
تاريخية لها ماض ومستقبل وتدخل كليا في التاريخ"...
4. لأن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان
أكبر تحد ثقافي، وأخطر صدمة حضارية فاصلة في القرون الأخيرة من تاريخنا،
ساهمت إلى جانب عوامل أخرى ذاتية في دفع مجتمعنا إلى الانتقال من حالة
الانغلاق والجمود اللّذين ميّزا عصر الضّعف، إلى حالة الانفتاح والحركة
اللّذين وسما عصر النهضة، على الرغم مما صاحب ذلك من النكبات التي ساهمت في
يقظتها...